المعلمين بالحصة والأمن القومي

 بقلم الدكتورة غادة عبد الرحمن 

تعد فئة المعلمين بالحصة من أكثر الفئات تهميشاََ، وتجاهلاََ، وذلك على الرغم من عدالة مطالبهم، وأحقيتهم فيها، فهم لم يطالبوا إلا بصرف مستحقاتهم المالية، والمتأخرة دائماً، ويطالبون كذلك بالتثبيت، أو توقيع عقود مميزة. 

فعلى الرغم من القيمة القليلة للعائد المادي، الذي يتقاضاه معلمي الحصة، وذلك بالمقارنة برواتب المعلمين الأساسيين، إلا أنهم دائماً ما يحصلون عليها بعد فترة من التأخير، تصل لعدة شهور، وذلك في تجاهل لإلتزامات هؤلاء المادية، وواجباتهم تجاه أسرهم. 

أما فيما يخص المطالبة بالتثبيت، أو توقيع عقود مميزة، فمعلمي الحصة ينشدون من خلال هذا المطلب، الشعور بالأمان، والأستقرار، والحماية من شبح التسريح الذي يطاردهم، وهذا حق أصيل لهم، ولا يمكن لأي أحد أن ينكره عليهم.

ولا نبالغ إذا ربطنا هذه القضية بالأمن القومي للبلاد، حيث أن المعلم هو مربي الأجيال، الذي يغرس المبادئ السامية، والقيم النبيلة، داخل النشئ الجديد، فالمعلم يخرج من تحت يده الضابط الذي يحمي حدود الوطن، ويحفظ امنه، والقاضي الذي يطبق العدل، والمحامي الذي ينصف المظلوم، والطبيب الذي يداوي الجراح، ويخفف الآلام، بإنسانيته قبل علمه.

إننا نعلم جيداً أن فاقد الشيء لا يعطيه، ولهذا نتسأل عن الإنسان الذي يشعر ببغض وطنه له، وإنكاره لأبسط حقوقه، ان يعلم حب الوطن، والفناء من أجله؟ وكيف لمن يعاني الظلم أن يغرس قيم العدالة؟ وكيف لمن يشعر بالاضطهاد أن يحث على الأنصاف؟ وكيف لمن تهان إنسانيته أن يزرع مبادئ الإنسانية؟

وأخيراً، إننا أمام قضية خطيرة، تمس مستقبل جيلاََ بأكمله، سيتشكل وعيه، ومبادئه، وقيمه، على يد معلمي الحصة، وعلينا أن نختار الشكل الذي سيكون عليه هذا الجيل، وذلك من خلال تعاملنا مع ملف معلمي الحصة، فيجب إنصاف هؤلاء، وإعطائهم كامل حقوقهم، المادية، والمعنوية، ومن ثم حماية النشئ الجديد، وإلا فلن يفيد البكاء على اللبن المسكوب.