الأصل الطيب.. سر عمل الخير
دكتور يحيى هاشم يكتب :
في زمن كثر فيه التظاهر بالفضيلة و أصبحت الأفعال أحيانًا لا تعكس النوايا يظل الأصل الطيب هو الميزان الحقيقي للخير فليس كل من يعمل الخير فاعلًا له بنقاء و لا كل يد تُمد بالعطاء صادقة ما لم تكن تنبع من نفس سوية و أصل كريم .
إن المجتمعات لا تنهض فقط بالمشاريع أو القوانين بل ترتقي حين يتحلى أفرادها بالأصالة و الصدق فيكون الخير جزءًا من تكوينهم لا مظهرًا مؤقتًا أو رياءً اجتماعيًا .
إن الخير الحقيقي لا يصدر عن نفسٍ حاقدة أو قلبٍ مليء بالشكوك فمن يعمل الخير و هو يُضمر السوء أو يشك في نوايا الآخرين فإن فعله سرعان ما يتحول إلى عبء على من حوله أو وسيلة للمنّ و التفاخر .
أما الإنسان صاحب الأصل الطيب فهو لا يمنّ بعطائه و لا ينتظر مقابلاً و لا يشكك في نوايا الآخرين حين يُقابلونه بالمثل فالنقاء لا يعرف الخبث و الأصل النقي لا يُنتج إلا خيرًا نقيًا .
إن الأصل الكريم لا يتجلى فقط في الأنساب بل في السلوك و الأخلاق فكم من صاحب نسب عالٍ افتقد حسن الخلق و كم من إنسان بسيط في المظهر عظيم في جوهره يفيض خيرًا دون أن يلتفت إلى الأضواء .
المجتمع يحتاج إلى من يحملون الخير في قلوبهم قبل أيديهم إلى من تربوا على قيم الوفاء و الرحمة و الصدق فهؤلاء هم الحصن الحقيقي في وجه الكراهية و الانقسام .
إننا بحاجة إلى تعزيز القدوة الحسنة في المجتمع و إلى تسليط الضوء على أصحاب الأصول الطيبة الذين يعملون في صمت ينشرون الخير دون رياء ويتعاملون مع الناس بصفاء دون شك أو حقد.
فهؤلاء هم من يشكلون شبكة الأمان الأخلاقي في المجتمع و يعيدون إلينا الإيمان بأن الخير باقٍ ما دامت النفوس الطيبة موجودة .
و لنعلم جميعًا أن الأصل الطيب لا يُشترى و لا يُصطنع بل يُزرع في النفس منذ النشأة و يُروى بالقيم و يُثمر في السلوك و من أراد أن يكون مؤثرًا بحق في مجتمعه فليبدأ من نفسه فـمن نبت طيبًا لا يُثمر إلا خيرًا و سلاما عليكي يا بلادي في كل وقت وفي كل حين.
ليست هناك تعليقات