الألقاب الزائفة .. قنابل تهدم المجتمع




بقلم: الدكتور يحيى هاشم 



انتشرت ظاهرة خطيرة تهدد بنية المجتمع و تضرب قيمه في الصميم و هي ظاهرة فوضى الألقاب الزائفة حيث نرى أشخاصًا يمنحون أنفسهم أو يُمنحون من جهات غير رسمية ألقابًا مثل دكتور و مستشار و سفير نوايا حسنة وخبير دولي دون أي سند علمي أو قانوني إنها ليست مجرد مجاملات اجتماعية  بل أدوات خطيرة تفتح أبواب  لهدم المجتمع و تفتيت كل القيم المجتمعية و تعبث بثقة الناس و تهدم معايير التقييم و الكفاءة و تؤدي في النهاية إلى  هدم ثقة المجتمع في مؤسساته ورموزه.



ان الألقاب الزائفة هي تلك التي تُستخدم من قبل أفراد لم يحصلوا عليها بطرق رسمية معتمدة سواء عبر مؤسسات أكاديمية معترف بها أو جهات مهنية رسمية و هي  لقب الدكتور دون نيل درجة الدكتوراه الفعلية من جامعة معترف بها و المستشار دون تعيين رسمي في جهة قضائية أو قانونية أو استشارية و السفير دون تمثيل دبلوماسي رسمي أو اعتماد من جهة دولية حقيقية و الخبير أو المفكر دون امتلاك رصيد علمي أو معرفي موثق.


 و تكمن الخطورة عندما يتحدث دكتور وهمي في الإعلام أو على المنصات الإلكترونية فإنه يضلل الناس بمعلومات غير دقيقة  قد تؤثر على وعيهم و سلوكهم 


فعندما يحمل اللقب من لا يستحقه يفقد اللقب هيبته و يصبح من الصعب تمييز الكفاءات الحقيقية و إضعاف ثقة المواطنين بالمؤسسات الرسمية و  عندما يجد المواطن أن من يتصدر المشهد ليسوا من أهل الخبرة  فإن ثقته بالخبراء الحقيقيين و المؤسسات الرسمية تبدأ في التراجع 


 كما يلجأ البعض إلى استخدام هذه الألقاب كوسيلة للإيقاع بالضحايا في عمليات نصب سواء في مجالات التدريب أو الاستثمار أو حتى العلاج النفسي و 

حين يحصل المزيفون على فرص لا يستحقونها يتم إقصاء الكفاءات الحقيقية مما يعيق التقدم العلمي و المهني في المجتمع  و من اهم اسباب انتشار هذه الظاهرة السلبية غياب الرقابة القانونية الصارمة على استخدام الألقاب و ضعف الوعي العام بمعايير منح الألقاب و تنامي ظاهرة الشهادات المباعة من كيانات تعليمية وهمية و الرغبة في الوجاهة الاجتماعية دون بذل جهد حقيقي  و كذلك وسائل التواصل الاجتماعي التي تتيح لكل شخص أن يصنع صورة مزيفة عن نفسه.


و لكي نعمل على مواجهة هذه الظاهرة علينا سن قوانين وتشريعات واضحة و 

يجب تغليظ العقوبة على من يستخدم لقبًا علميًا أو مهنيًا دون وجه حق  و كذلك نشر الوعي المجتمعي و الإعلامي 

من خلال حملات توعية إعلامية تبين الفرق بين الألقاب الحقيقية والزائفة و التأكيد على دور المؤسسات الأكاديمية والمهنية فلا بد من توثيق الألقاب و شهادات الاعتماد و تيسير إمكانية التحقق منها من خلال مواقع رسمية 


و عدم السماح بظهور أشخاص يحملون ألقابًا غير مثبتة على الشاشات أو في المؤتمرات و كافة المحافل  


علينا  ان نحمي أنفسنا و لا ننخدع بالمظاهر أو الألقاب و نتحقق من مؤهلات من نتعامل معه خاصة في مجالات حساسة كالعلاج و التدريب والاستشارات و غيرها من مجالات الحياة 



 ان فوضى الألقاب ليست مسألة شكلية  بل قضية تمس جوهر المجتمع و تهدد مصداقية الكفاءة و الجدارة و تفتح الباب أمام الفوضى المعرفية و الانحراف السلوكي لذا  فإن محاربة هذه الظاهرة تبدأ من كل فرد فينا  و تستكملها المؤسسات بالتشريعات والرقابة و لن ينهض أي مجتمع إلا إذا أعاد الاعتبار للعلم الحقيقي و الجهد الصادق و رفض الزيف بجميع أشكاله و سلاما عليكي يا بلادي في كل وقت و في كل حين .

ليست هناك تعليقات