أسباب النصر ”


قضى الله سبحانه  أَنْ يَكُونَ الصِّرَاعُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ مُنْذُ بَدْءِ الْخَلِيقَةِ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ، وَأَنْ يَسْتَمِرَّ الصِّرَاعُ بَيْنَ الْأَخْيَارِ وَالْأَشْرَارِ، وَالْأَبْرَارِ وَالْفُجَّارِ، وَمَضَتْ أَحْوَالُ الْأُمَمِ مَا بَيْنَ عِزَّةٍ وَذِلَّةٍ، وَكَثْرَةٍ وَقِلَّةٍ، وَانْتِصَارٍ وَانْكِسَارٍ؛ قَالَ -تَعَالَى-: إن يَمۡسَسۡكُمۡ قَرۡحٞ فَقَدۡ مَسَّ ٱلۡقَوۡمَ قَرۡحٞ مِّثۡلُهُۥۚ وَتِلۡكَ ٱلۡأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيۡنَ ٱلنَّاسِ وَلِيَعۡلَمَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمۡ شُهَدَآءَۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلظَّٰلِمِينَ ١٤ عِمۡرَان :

في محاكاة  دارت بين الحق والباطل

قال الباطل للحق: أنا أعلى منك شأنًا 

فرد عليه الحق قائلًا: وأنا أثبتُ منك قدمًا 

قال الباطل: أنا أقوى منك 

فرد عليه الحق: وأنا أتقى منك 

قال الباطل: يتبعني الأقوياء والمترفون 

فرد عليه الحق: "وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون "

قال الباطل: أستطيع أن أقتلك الآن 

فرد عليه الحق قائلًا: سيأتي أبناءي من بعدي ويقتلونك 

فالصراع بين الحق والباطل قديم 

وَمِنَ الْأَسْبَابِ الَّتِي تُحَقِّقُ النَّصْرَ وَالتَّمْكِينَ فِي الْأَرْضِ لِلْمُؤْمِنِينَ على سبيل المثال لا الحصر : *الإيمان الخالص لله والعمل الصالح*

قَـالَ جلَّ وعلا: ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [النور:55]. 

وَالْإِيمَانُ الصَّادِقُ مَعَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ دَاخِلٌ فِي هَذَا، فَقَدْ وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالنَّصْرِ الْمُبِينِ، فَقَالَ وَهُوَ أَصْدَقُ الْقَائِلِينَ: ( وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ )[الروم:47]. وإنْ حصلَ للمسلمينَ انهزامٌ في بعضِ المواطنِ فهو مِن عندِ أنفسِهِم، بذنوبِهِم ومخالفتِهِم ما أمرَهُم اللهُ ورسولُهُ، كما قالَ سبحانَهُ للصحابةِ في غزوةِ أُحدٍ: ﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ﴾ [آل عمران: 165]، فاللهُ لا يجاملُ أحدًا، فمَن وفَّى بمَا أمرَهُ اللهُ وفَّاهُ اللهُ ما وعدَهُ: ﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ﴾ البقرة: 40.

*وَمِنْ أَسْبَابِ النَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ: اجتـماعُ الكلـمةِ على الحقِّ، وإصلاحُ ذاتِ البينِ، وعدمُ التــنازعِ والتـفرُّقِ،* 

قالَ جلَّ وعلا: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ﴾ [آل عمران: 103]، وقالَ سبحانَهُ: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ﴾ [الأنفال: 1]، فأولُ طريقِ التمكينِ للأمةِ تقوَى اللهِ وإصلاحُ ذاتِ البينِ، فإذا لم يحققْ المسلمونَ تقوَى اللهِ بطاعةِ اللهِ ورسولِهِ، وتنازعُوا واختلفُوا، زالتْ قوتُهُم، وتسلَّطَ عليهِم أعداؤُهُم، كما قالَ جلَّ وعلا:  ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾ (الأنفال: 46)

*وَمِنْ أَسْبَابِ النَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ: نَصْرُ دِينِ اللهِ وَالْغَيْرَةُ عَلَيْهِ وَالدِّفَاعُ عَنْهُ، وَبَذْلُ الْغَالِي وَالنَّفِيسِ مِنْ أَجْلِهِ،* 

قَالَ جل وعلا: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ [محمد:7]، وَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)) [الحج:40–41]. 

وَمِنْ أَسْبَابِ النَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ: إعدادُ ما يُستطاعُ مِن قوَّةٍ:  فالقوةُ مطلبٌ شرعيٌّ، فالإسلامُ دينُ القوةِ والعزةِ، وقِوامُ الإسلامِ بكتابٍ يهدِي، وسيفٍ ينصرُ، 

قالَ اللهُ تعالى: ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحديد: 25]، وقد أمرَ اللهُ المؤمنينَ بتحصيلِ القوةِ بجميعِ معانيهَا وأنواعِهَا بقدرِ الاستطاعةِ، قالَ اللهُ سبحانَهُ: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ﴾ [الأنفال: 60]، فالإسلامُ ينهَى عن الضعفِ والمهانةِ، ويأمرُ بتحصيلِ جميعِ أسبابِ القوةِ الماديةِ والمعنويةِ بقدرِ الإمكانِ، ولا عزةَ للمسلمينَ إلّا بالإسلامِ، ومهمَا ابتغَوا العزةَ في غيرِهِ أذلَّهُم اللهُ، قالَ جلَّ وعلا: ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ المنافقون: 8.


*وَمِنْ أَسْبَابِ النَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ: التوكلُ على اللهِ جلَّ وعلا*


يجبُ على المسلمينَ أنْ تتعلقَ قلوبُهُم باللهِ وحدَهُ في طلبِ تحقيقِ النصرِ، ولا تتعلقُ قلوبُهُم بأحدٍ غيرِ اللهِ، قالَ اللهُ جلَّ علا: ﴿ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [آل عمران: 160]، وقالَ سبحانَهُ: ﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴾ [آل عمران: 126]، فالتوكلُ مِن أعظمِ أسبابِ النصرِ؛ لأنَّ المتوكلينَ يفوضونَ أمورَهُم إلى اللهِ وحدَهُ القادرِ على كلِّ شيءٍ، فيعتمدونَ على اللهِ في جلبِ ما ينفعُهُم، ودفعِ ما يضرُّهُم، مع أخذِهِم بالأسبابِ الشرعيةِ المتيسرةِ لهُم، قالَ اللهُ تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 3]، وقال: ﴿ ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إنْ كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ [المائدة: 23]، فالتوكلُ فريضةٌ عظيمةٌ، وواجبٌ على أمةِ الإسلامِ أنْ تتوكلَ على اللهِ في إصلاحِ جميعِ أمورِهَا الدينيةِ والاجتماعيةِ، والاقتصاديةِ والزراعيةِ، والصناعيةِ والتجاريةِ، والطبيةِ والسياسيةِ والحربيةِ، وغيرِ ذلكَ.


وَمِنْ أَسْبَابِ النَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ: الصَّبرُ والثَّبَاتُ والتَّقوَى، 


قالَ اللهُ جلَّ وعلا: ﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ﴾ [آل عمران: 120]، وقالَ جلَّ وعلا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الأنفال: 45]، وقالَ جلَ وعلا:﴿ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ الأعراف: 128وعن ابنِ عباسٍ رضي اللهُ عنهما أنَّ النبيَّ ﷺ قال: (واعلَمْ أنَّ النَّصرَ مع الصَّبرِ، وأنَّ الفرَجَ مع الكرْبِ، وأنَّ مع العُسرِ يُسرًا).


وَمِنْ أَسْبَابِ النَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ: عدمُ التعلقِ بالدنيا والركونِ إليهَا ونسيانِ الآخرةِ 

 فعَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ( يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إلى قَصْعَتِهَا)، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: (بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ)، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: (حُبُّ الدُّنْيَا، وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ) (رواه أحمد)، ألم يقعْ ما أخبرَ بهِ الصادقُ المصدوقُ ﷺ.


وَمِنْ أَسْبَابِ النَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ: التَّضَرُّعُ واللجُوءُ إلى اللهِ تعالى والإِلحَاحُ فِي الدُّعَاءِ: 

فإنَّ مِن أعظمِ وأقوَى عواملِ النصرِ التضرعَ إلى اللهِ تعالى والاستغاثةَ بهِ؛ لأنَّهُ القويُّ القادرُ على هزيمةِ أعدائِهِ، ونصرِ أوليائِهِ، قالَ جلَّ وعلا: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186]، وقالَ جلَّ وعلا:  ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ النمل، ولهذا كان النبيُّ ﷺ يدعُو ويستغيثُ ربَّهُ  تباركَ وتعالى في معاركِهِ، فينصرهُ ويمدّهُ بجنودهِ، قالَ تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9]وهكذا كان ﷺ يدعُو اللهَ في جميعِ معاركِهِ، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا غَزَا قَالَ: (اللَّهُمَّ أَنْتَ عَضُدِي وَنَصِيرِي، بِكَ أَحُولُ، وَبِكَ أَصُولُ، وَبِكَ أُقَاتِلُ).وفي غزوةِ بدرٍ ظلَّ ﷺ طوالَ ليلتِهِ يتضرعُ ويدعُو ربَّهُ، عَنْ عَلِيٍّ بنِ أبِي طالبٍ رضي اللهُ عنه،  قَالَ : لَقَدْ رَأَيْتُنَا لَيْلَةَ بَدْرٍ، وَمَا مِنَّا إِنْسَانٌ إِلاَّ نَائِمٌ، إِلاَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَإِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي ويَبْكي وَيَدْعُو حَتَّى أَصْبَحَ، 


وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي اللهُ عنهما، حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، (قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ -صلى الله عليه وسلم-) حِينَ قَالُوا: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا، وَقَالُوا: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ}، 

وهكذا ينبغِي أنْ يكونَ حالُ المسلمِ وقتَ الشدائدِ؛ لأنَّ الدعاءَ يدفعُ اللهُ بهِ مِن البلاءِ ما اللهُ بهِ عليمٌ، فعَنْ سَلْمَانَ الفارسِي رضي اللهُ عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (لَا يَرُدُّ القَضَاءَ إِلَّا الدُّعَاءُ).

قصدتُ بابَ الرجاء والناسُ قد رقدُوا  *** وقمتُ أشكُو إلى مولايَ مـا أجـدُ


وقلتُ يـا أملِـى في كـلِّ نائبـةٍ يا   ***   مَن عليهِ لكشـفِ الضـرِّ أعتمـدُ


أشكُو إليـكَ أمـورًا أنـتَ تعلمُهَـا *** ما لِي على حملِهَا صبـرٌ ولا جلـدُ


مــددتُ يدِي إليك بـالـذلِّ مفـتـقـرًا  ***  يـا خيرَ مَـن مُـددتْ إليـهِ يــدُ


فـلا تردنَّـهَـا يـا ربـِّي خائـبـةً *** فبحرُ جودِكَ يروِى كلَّ مَـن يـردُ         

وأخيرًا: نصرُ اللهِ قريبٌ  وإنْ رغمتْ أنوفٌ!!

مهمَا تلاحقتْ الخطوبُ واشتدتْ وتفننَ الأعداءُ في أساليبِ العداوةِ والبغضاءِ، فلا ننسَى أنَّ نصرَ اللهِ قريبٌ، وأنَّ كيدَ الشيطانِ ضعيفٌ، وأنَّ الغلبةَ في النهايةِ للحقِّ وأهلِهِ قالَ سبحانَهُ: { فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ في الأرْضِ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الاْمْثَالَ } [الرعد:17] ، ويقولُ عزَّ وجلَّ: { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} [يوسف: 110]، ولكنْ لابدَّ مِن التمحيصِ والابتلاءِ ليظهرَ وليُّ الرحمنِ مِن وليِّ الشيطانِ، قالَ تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214]، وقالَ جلَّ وعلا:{ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ } [آل عمران: 142]، فاللهُ وعدَنَا بنصرِهِ إنْ كنَّا مؤمنينَ ونصرنَا دينَهُ ورفعنَا رايتَهُ، فالمسلمُ يوقنُ بأنَّ اللهَ ناصرُهُ وناصرُ دينِهِ مهمَا طالَ الزمنُ، ومهمَا قويتْ شوكةُ الباطلِ، قالَ جلَّ وعلا: { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [الأنبياء: 105]، وقالَ جلَّ وعلا:{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصافات: 171 – 173]، وقالَ جلَّ وعلا: { إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ } [غافر: 51]، وعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي اللهُ عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: (بَشِّرْ هَذِهِ الأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالرِّفْعَةِ ، وَالدِّينِ ، وَالنَّصْرِ ، وَالتَّمْكِينِ فِي الأَرْضِ ، فَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ عَمَلَ الآخِرَةِ لِلدُّنْيَا ، لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الآخِرَةِ نَصِيبٌ)، وعَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: (إِنَّ اللهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا).


حفظَ اللهُ مصرَ قيادةً وشعبًا مِن كيدِ الكائدين، وحقدِ الحاقدين، ومكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين

ليست هناك تعليقات