25 أبريل ... عيدك يا سيناء

 


بقلم لواء دكتور/ سمير فرج


تعيش الأمم والشعوب ذكريات أيام خالدة في تاريخها. هذه الذكريات غالبا ما تكون ذكريات انتصارات على أعدائها، أو ذكريات باستعادة أراضيها وكرامتها، لذلك فإن احتفال مصر هذا اليوم في هذا اليوم 25 من إبريل كل عام، يمثل أغلى هذه الانتصارات يوم أن نجحت مصر في تحرير آخر شبر من أراضيها فوق رمال سيناء.

لذلك يهل علينا شهر أبريل، من كل عام، حاملاً في طياته ذكرى احتفالات واحداً من أعظم أيام تاريخ مصر الحديث، اليوم الذي تم فيها استرداد آخر شبر من أرض مصرنا الغالية، ليتوج رحلة عسكرية ودبلوماسية طويلة، خاضتها مصر، امتدت لما يقرب من 22 عاماً، بدأت خطواتها الأولى بعد أيام معدودة من هزيمة يونيو 1967، وما تلا ذلك من احتلال كامل لتراب سيناء، حيث شهدت جبهة القتال معارك شرسة، خاصة خلال حرب الاستنزاف، لتؤكد القوات المسلحة المصرية للإسرائيليين، أن احتلال سيناء، والأرض المصرية، ثمنه غال جداً، لن يتحملوا تكاليفه. وكان المنظر دائما، ونحن على الضفة الشرقية قناة السويس، ونحن نرى العلم الاسرائيلي فوق الضفة الأخرى 

وخلال سبع سنوات، نجحت مصر في إعادة تسليح وتنظيم القوات المسلحة، وإخلاء مدن القناة؛ وتم بناء حائط الصواريخ ... وفي العاشر من رمضان السادس من أكتوبر 73 كان قرار الرئيس السادات باقتحام قناة السويس، وتدمير خط بارليف، حتى تم تكوين خمس رؤوس كباري على الضفة الشرقية للقناة. ومع توقف القتال في 28 أكتوبر 73 بدأت المباحثات، التي لم تكن سهلة، وتم التوقيع على اتفاق فض الاشتباك، الأول والثاني، وما أعقبهما من مفاوضات السلام وكامب ديفيد، حيث استجابت مصر لنداء السلام، مبرهنة على قوتها الدبلوماسية، التي قادها ببراعة الرئيس الراحل محمد أنور السادات.

وهكذا استعادت مصر، بدماء وجهد وعرق وفكر المخلصين من أبنائها، خلال الحرب والسلام والتفاوض، أرضها المحتلة، باستثناء طابا، إذ تلكأت إسرائيل، كعادتها، ولم تنسحب منها، مدعية أن هذه المساحة، 1020 متراً، لا تقع ضمن الأراضي المصرية. وجاء أول إعلان عن مشكلة طابا في مارس 1982، قبل شهر واحد من إتمام الانسحاب الإسرائيلي من سيناء، عندما أعلن رئيس الجانب العسكري المصري، في اللجنة المصرية الإسرائيلية، أن هناك خلافاً جذرياً حول بعض النقاط الحدودية، خاصة العلامة 91، وحرصاً من القيادة السياسية المصرية على إتمام الانسحاب الإسرائيلي، اتفق الجانبان على تأجيل الانسحاب من طابا، وحل النزاع طبقاً لقواعد القانون الدولي، وبنود اتفاقية السلام، وتحديداً المادة السابعة، التي تنص على حل الخلافات بشأن تطبيق، أو تفسير المعاهدة، عن طريق المفاوضات، وإذا لم يتيسر حل الخلاف يتجه للتوفيق أو التحكيم.نص الاتفاق المؤقت، الذي وقعته مصر وإسرائيل، على عدم قيام إسرائيل ببناء أية منشآت في المنطقة، لحين الفصل في النزاع، إلا أن إسرائيل حاولت فرض الأمر الواقع، فأعلنت، في 15 نوفمبر 1982، عن افتتاح "فندق سونستا طابا"، وإنشاء قرية سياحية، كما ماطلت إسرائيل في اللجوء إلى التحكيم، مطالبة بالتوافق، وهو ما رفضته القيادة السياسية المصرية، وأجبرت إسرائيل على قبول التحكيم، في يناير عام 1986، بعد أربع سنوات من المماطلة، ودخل الجانبان في مفاوضات، لصياغة شروط التحكيم، انتهت في سبتمبر من نفس العام.

زعمت إسرائيل أن علامات الحدود أزيلت بفعل العوامل الطبيعية، والحقيقة أنها هي التي أزالتها بنفسها، وادعت عكس ذلك ... فقدمت مصر للمحكمة الكثير من الأدلة والمستندات، التي تؤكد أن هذه البقعة مصرية، وكانت، دائماً، تحت سيطرة وسيادة مصر، وكان من ضمن ما قدمته للمحكمة، صورة للجنود المصريين تحت شجرة الدوم، في هذه المنطقة، وكانت هذه الشجرة موجودة أثناء التحكيم، فكانت، ومازالت، شاهد إثبات على حق المصريين.

وبعد مباحثات ومناقشات وجلسات طويلة، أصدرت هيئة التحكيم الدولية حكمها، في 27 سبتمبر 1988، بأحقية مصر في ممارسة السيادة على كامل ترابها، بعدما تم إثبات 10 علامات حدودية لصالح مصر، من مجموع 14 علامة، بأغلبية 4 أصوات، مقابل صوت واحد، وإثبات 4 علامات الأخرى، بإجماع الأصوات الخمسة. وامتد عمل هيئة الدفاع المصرية، ومراوغات إسرائيل ، إلى عقد جولات أخرى من الاجتماعات لتنفيذ حكم التحكيم، وتسليم طابا، إلى مصر، حتى وصلت إلى المرحلة الأخيرة، بتسليم طابا في 15 مارس 1989، ورفع العلم المصري عليها في 19 مارس، فكانت لحظة عظيمة، في تاريخ مصر، برفع العلم على أعلى نقطة في سيناء.

ويرى المحللون، أن هناك دروس مستفادة من معركة استرداد طابا، أهمها أنه لا يضيع حق وراءه مطالب، ويجب أن تحسن الدفاع عنه وبالأسلوب الذي يفهمه الآخرون، ومسلحاً بالقوة الاقتصادية والقانونية والعسكرية، والاعتماد على الخبراء والمتخصصين، وضرورة معرفة الخصم، وأساليبه في المناورة والمراوغة، وأخيراً، حسن إدارة الأزمات والتجانس بين فريق العمل، من أجل الوصول إلى الهدف.

واليوم كان درس تحرير سيناء سيظل نقطة عظيمة في تاريخ مصر حيث أن التحرير جاء بالمعارك الثلاث العسكرية في حرب ثلاثة وسبعين والحرب الدبلوماسية في معاهدة كامب ديفيد من الرئيس السادات وأخيرا الحرب القانونية في عهد الرئيس مبارك.

واليوم وقد عادت سيناء مرة اخرى الى حضن الوطن الام. وكما قال الرئيس السيسي ان تأمين سينا في الفترة القادمة يأتي بالتنمية. وليس بتواجد القوى العسكرية. من هنا بدأت الخطة بعودة سيناء الى الوطن الام. من خلال الانفاق الجديدة وزراعة نص مليون فدان في شرق الاسماعيلية. وبناء ثلاث مدن جديدة، وانشاء ثلاث جامعات جديدة. وطبقا للتخطيط فسوف يصبح تعداد السكان في سيناء عام 2030 حوالي ستة مليون مصري. يشتغلون مشروعات التنمية الاخرى. مثل ثلاث مصانع اسمنت ومصنع للرخام في الجفافة وتطوير ميناء العريش ليصبح اكبر مواني حاويات في البحر متوسط. ايضا من ميناء شرق بورسعيد الذي اصبح العاشر عالميا قبل ميناء هونج كونج العالمي.

 وهكذا يصبح العمران في سيناء هو اساسه التنمية ولن تعود خاوية لتصبح مطمعا للإرهاب او لنقل سكان غزة كما ارادت اسرائيل وهكذا تصبح سينا ارضا مصريا خالصة يعيش فيها مصريين وتصبح سدا منيعا امام كل الاخطار من الاتجاه الاستراتيجي الشمالي.


كذلك، تم وضع خطة لتوطين بدو سيناء على أساس حفر البئر في المنطقة، وتوفر المياه يتم بناء قرية على أساس أن يعطى لكل أسرة بدوية تسع أفدنة ومنزل، ويتم إنشاء مدرسة  في القرية، على أنه سيتم الانتهاء من هذه الخطة لتوطين البدو في العام القادم 2025. ومن هذا المنطلق، نجد أن أساس تأمين سيناء في الفترة القادمة هو التنمية، وأعتقد أن المواطن المصري سيتذكر دائما. أنه أن وجود سيناء خالية جعلها مطمع في أن يفكر الإسرائيليون هذه الأيام بنقل سكان غزة للحياة في سيناء وهذا ما رفضته القيادة المصرية وهذا ما أكده فكر الرئيس السيسي أن تأمين سيناء يتم بالتنمية



ليست هناك تعليقات