وصية سيدنا يعقوب لبنيه في لحظة الموت
بقلم : الدكتور محمد المنسي
هذه الوصية في الأصل هي وصية سيدنا إبراهيم ، والتى وردت في قوله تعالي (ووصي بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني ان الله اصطفي لكم الدين فلا تموتن الا وانتم مسلمون) ومن ثم جمعت بين جيلين : جيل الآباء وهوهنا إبراهيم عليه السلام. وجيل الأحفاد ويمثلهم هنا يعقوب عليه السلام ، وقد عرضنا من قبل لوصية ابي الانبياء ونقف اليوم مع وصية يعقوب
يقول الله تعالي :
(ام كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت ، إذ قال لبنيه ، ماتعبدون من بعدي قالوا نعبد الهك واله ابائك إبراهيم واسماعيل وإسحاق الها واحدا ، ونحن له مسلمون )
نقف اولا عند تصوير المشهد :
فالمشهد بين يعقوب وبنيه في لحظ الموت والاحتضار ، وهو مشهد ذو دلالة كبيرة وتأثير عميق ، نحن امام ميت يحتضر و أمام حضور غير عادي ، لقوة غير عادية هي الموت وهي القوة التي لا تقهر ولا تغلب ، فلايملك احد أن يصدها أو يردها
فإذا ما تركنا مشهد الموت ومقدماته ، وانتقلنا الي مشهد الميت نفسه ، فإذا بنا أمام مفاجأة غير متوقعة :
أن الميت الذي يعاني سكرات الموت وصرعاته ، ليس مشغولا بما ينشغل به الناس عادة في مثل هذه الظروف، من امور الدنيا من المال والأولاد وغير ذلك من متاع الحياة الدنيا ، لكنه مشغول بأمر أعظم من ذلك ، وبقضية اهم من كل شيئ ، وهي قضية الدين والعقيدة والآخرة ، لأنها ام القضايا واصل كل الأصول ومن ثم كان
كل همه أن يطمئن علي مستقبل أولاده وذريته من خلال موقفهم من هذه القصية .
ويلفت النظر ايضا ونحن نعاود النظر الي الميت ، ذلك التركيز الشديد وهذا الانتباه المبهر ، وهو يتوجه بالسؤال (القليلة كلماته
والكثيرةمعانيه) ، فيقول لهم :
ماتعبدون من بعدي؟
وهو سؤال يكشف عن عناية يعقوب بهذه القضية أثناء حياته مع أولاده، لكن الذي يشغله هو مابعد وفاته
وهنا جاءت المفاجأة الثانية وهي إجابة الأبناء
-2-
ليست هناك تعليقات