ذكرى مولد نبي الرحمة
الدكتورة غادة عبد الرحمن
بعد أيام قليلة، سنكون على موعد مع ذكرى شروق شمس الرحمة، وسطوع ضياء الهدى، ونزول النور إلى الأرض، الذي سكن السماء أولاً، حيث مولد الصادق الأمين، ذو الاسم المقترن باسم المولى عز وجل على عرشه العظيم، الذي بشر به كل الأنبياء والرسل، بداية من آدم إلى عيسى بن مريم عليهما وعلى كل أنبيائنا ورسلنا السلام.
ففي هذا اليوم، وفي عام الفيل، ولد من أرسله الله عز وجل هدى ورحمة للناس كافة، دون تفريق على أساس جنس، أو عرق، أو لون، حيث قال الله سبحانه {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} ليخاطب ﷺ كل إنسان، في كل زمان، ومكان، هادياً، وموجهاً، إلى أجمل الأخلاق، وأرقى الصفات، فقد قال ﷺ (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) ولهذا دعى إلى الصدق، والأمانة، وطهارة النفس، والقناعة، والإخلاص، وإتقان العمل، والصبر، وكل الأخلاقيات الرائعة، التي تجسدت جميعها في شخصه الكريم، وذلك تصديقاً لقوله تعالى {وَإنكَ لعَلى خُلقٍ عَظيم} ولهذا كان ﷺ ومازال وسيظل أعظم معلم شهدته البشرية.
كذلك كان خاتم الأنبياء ﷺ أول الثائرين، وأعظمهم، فقد حرم كل ما كان قائماً من أفعال قميئة، وأوضاع مشينة، كالظلم، والاضطهاد، والعبودية، والتفرقة العنصرية البغيضة، ونادى بالمساواة في أبهى صورها، حيث قال ﷺ (لا فرق بين عربي ولا أعجمي ولا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى) ليسبق بذلك كافة الثورات المطالبة بالحرية، والمساواة، التي شهدها العصر الحديث، حيث نادى رسولنا الكريم ﷺ بأسمى المعاني الإنسانية، من عدل، ومساواة، وكرامة، وحرية، وكل المبادئ التي تتشدق بها منظمات حقوق الإنسان، وذلك منذ أكثر من ١٤٤٠ عام، هذا في الوقت الذي كان فيه العالم غارق في ظلام القلوب، والعقول، ومع ذلك دائماََ ما يتهم نبينا الكريم ﷺ بالتطرف، والإرهاب، والدعوة إلى العنف، وغيرها من تهم أبعد ما تكون عن سيد الخلق ﷺ، هذا بالإضافة إلي الإساءات التي يقذف بها، وبشكل مستمر، من بعض الحمقى، الذين يجهلون اليقين، وتعمى أبصارهم عن نور الهدى.
وأخيراً، ونحن في رحاب الذكرى العطرة، نود أن نرسل برسالة إلي كل من يتهمون سيد الخلق ﷺ بالعنف، والإرهاب، ولا يكفون عن الإساءة له، ولدينه القيم، ونطالبهم بمعرفة نبينا الكريم ﷺ حق المعرفة، وذلك حتى يدركون جيداً أن الرسالة المحمدية تهدف إلى إنارة القلوب، بنور المحبة، ونشر الخير، والأمن، والسلام، في شتى ربوع الأرض، وان تعاليم الدين السمح لو نفذت علي أرض الواقع كما يجب أن تنفذ لعاشت البشرية كافة في ظل المدينة الفاضلة.

ليست هناك تعليقات