رمضان_زمن_ام_حالة
بقلم :أ_د_محمد_قاسم_المنسي
ان اغلب المسلمين اليوم يتعاملون مع رمضان علي انه(زمن) ومن ثم يستعدون لاستقباله ويفرحون لقدومه، كما يحرصون علي وداعه ويحزنون علي رحيله..لكن الحقيقة ان رمضان ليس (زمنا)فقط وانما هو-قبل ذلك وبعده-(حالة)يوجدها الشرع في زمن معين ، كي يجدد من خلالها الروابط التي تمثل اعمدة المجتمع وهي الرابطة الايمانية(من خلال تكثيف الارتباط بالمسجد وصلاة التراويح) والرابطة الاسرية(التقاء افراد الاسرة حول مائدة الافطار وما يعقب ذلك من مجالس الود والتراحم)والرابطة الاجتماعية (تواصل الجيران والاصدقاء ورفقاء المهنة)..اذ المتوقع ان كل هذه الروابط تصاب بالضعف والتفكك والتحلل في زمن طغيان المادية وسيطرة اسلوب التملك والاستحواذ علي جموع البشر..لذلك ياتي رمضان علاجا لهذه الحالة ، فيعيد بناء الجسور التي انهارت والصلات التي انقطعت بين طبقات وفئات الامة ويقدم صياغة مجتمعية جديدة يحيي من خلالها معالم الانسانية التي اختفت او كادت ان تختفي... ففي رمضان لايسعي الفقير للغني كماهو المعتاد وانما الغني هو الذي يسعي الي الفقير كي يبره ويكرمه وينشط في البحث عنه والوصول اليه(انظر مشهد موائد الرحمن وزكاة الفطر) وفي رمضان تكون يد الفقير هي العليا (لانها المطلوبة) ويد الغني هي السفلي( لانها الطالبة)..وليس العكس ..لان الصدقة تقع في يد الله قبل ان تقع في يد الفقير..ولذلك كانت يد الفقير هي العليا في هذه الحالة..ولانه لاقيمة لليد التي تعطي اذا لم تكن هناك يد تاخذ... وفي رمضان تكون كفارة الفطر لشخص مريض اوعاجز عن الصيام هي نفسها- بامر الشرع -اعانة لشخص آخر قادر علي الصيام وليس قادرا علي امتلاك الطعام وكل منهما لايعرف الاخر.. وفي رمضان يتجلي مشهد فريد من مشاهد المساواة بين البشر..اذ تختلف الموائد وتختلف الاطعمة..ولكن تمتد الايدي من كل الاعمارفي اللحظة نفسها الي مابين يديها من طعام..ربما يري البعض اننا امام حالة استثنائية مقصورة علي زمن هو رمضان..لكن الحقيقة ان هذه الحالة هي الاصل الذي ينبغي ان يسود ويشيع بين البشر..احياء لمفهوم الاخوة الانسانية وتحقيقا لمقصد المشرع في خلق الانسان وتكليفه بالاستخلاف في الارض..اما دور رمضان في هذا الشان فهو اطلاق طاقات البشر نحو العمل والانتاج والعطاء باشاعة الحالة الرمضانية التي تظهر رحمة الاسلام بالعالمين..فاللهم اعنا علي ان نبسط مظلة رمضان لجميع خلقك وفي كل الازمنة حتي نكون جديرين برحمتك ومغفرتك ورضاك..
#كتاب_غذاء_الروح
#
ليست هناك تعليقات