في حرم القائد1



 بقلم  أ_د_محمد_قاسم_المنسى 

استاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة

                                -1-

 من المتفق عليه في الثقافات الإنسانية أن المجتمعات البشرية ينبغي أن تكون لها (قيادة ) 

تتولي ترتيب أمورها ومصالحها و تحقيق العدل بين أفرادها ، وإتاحة الفرصة أمامهم للسعي والعمل من أجل العيش الكريم والحياة الطيبة..

وقد عرفت البشرية نوعين من القيادة :

القيادة الروحية والقيادة الدنيوية

ولكل نوع منهما رجاله ومجاله .

فإذا كانت القيادة الروحية تتولي التركيز علي المعتقدات الدينية ، وما يترتب عليها من سلوك قويم واخلاق حسنة ، فإن القيادة الدنيوية تتولي إدارة شئون البلاد والعباد في وقت السلم ووقت الحرب .

ومما يلاحظ في هذا الصدد أن القيادتين قد تجتمعان في شخص واحد كما كان الحال في رسول الله محمد صلي الله عليه وسلم

وهذا ما لاحظه الباحث الامريكي مايكل هارت في كتابه،،,(الخالدون مائة( وقدتفترقان ..وهذا هو الغالب الاعم

                                 -2-

وفي إطار القيادة الروحية كان الانبياء والرسل هم القادة الروحيين للاقوام الذين بعثوا اليهم بتكليف من الله لهم 

ومن ذلك قوله تعالي (لقد أرسلنا نوحا إلي قومه أن اعبدو الله.....)الاعرا عرفف :٥٩

وقوله تعالي( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وانزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط) الحديد: ٣٥

وهذا ما شهدت به مراحل التاريخ الإنساني ، وشهدت بهايضا ايات القرآن الكريم التي تحكي قصة هؤلاء القادة الروحيين ، والأدوار التي قاموا بها لرفعة شان الدين والانسان والحياة ..

ووفقا لما ورد في القرآن الكريم فإن القيادة الروحية لم تجد الترحيب والتأييد غالبا من القيادة الدنيوية ، ولكنها وجدت عكس ذلك :

وجدت الرفض والتشكيك والعداء والاستهزاء بل وتعرضت في بعض الأحيان إلي محاولات التصفية الجسدية .

وبالنظر في تاريخ القيادة الروحية كما عرضه القرآن الكريم يتضح لنا أن سيدنا

 ابراهيم عليه السلام هو اقدم قائد روحي استنادا الي قوله تعالي (اني جاعلك للناس إماما...) البقرة :١٢٤وان محمدا عليه الصلاة والسلام

هوخاتم هؤلاء القادة بحكم كونه اخر رسول من عند الله تعالي وكونه ارسل إلي الناس كافة بل الي العالمين جميعا 

                                   - ٣ -

بهذه الخلفية ، ذهبت الي المدينة المنورة في الزيارة الرابعة لي حتي الآن ، واقمت فيها لبعض الوقت .

ومنذ اللحظة التي وصلنا فيها الي المدينة ، قادمين من جدة ، كنت أشعر بأنوار النبوة تملأ الأفق امامي ..كما كنت أشعر طوال الطريق بأنني علي موعد ولقاء خارج كل النوقعات .

كان هناك شعور داخلي بأن شئيا ما يتم بترتيب القدر ، من اول الرحلة حتي نهايتها ، ورغم صعوبة السفر وطول الطريق من بداية الرحلة حتي مطار جدة ، ثم من جدة الي المدينة ، لكن الصعب كله يهون إذا كانت المكافأة في النهاية هي( لقاء القائد) .

وهكذا استقر بنا المقام في المكان المخصص لنا ، ولم نستطع بطبيعة الحال أن نذهب إلي المسجد الا عند صلاة الفجر ، بعد أن أخذنا قسطا من الراحة ، ومن ثم كانت صلاة الفجر اول صلاة صليناها في المسجد النبوي 

ولصلاة الفجر في المسجدين :

المسجد الحرام بمكة والمسجد النبوي بالمدينة ، متعة خاصة لا يشعر بها الا من حضرها بقلبه وروحه قبل جسده وكيانه ..

.............

وللحديث بقية

#

ليست هناك تعليقات