(قوانين القرآن الكريم) إصدار حديث للدكتور محمد المنسي لإظهار السنن الإلهية التي تحكم الكون




صدر حديثا كتاب قوانين القرآن الكريم للأستاذ الدكتور محمد المنسي أستاذ الشريعه الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة

ويعد هذا الكتاب مرجعا هاما  للدراسة القرآنية

والتي تستهدف استجلاء موضوعٍ مِن أهمّ موضوعات القرآن الكريم، وهو موضوع «القوانين» أو «السُّنَن الإلهية» التي تحكم الكون والإنسان والحياة.

ذلك أن القرآن الكريم –وهو يقدم نظريته المعرفية– وجَّه الأنظار إلى السُّنن أو القوانين الحاكمة، وبيَّن أهميتها في حياة الأفراد والأمم والحضارات، وطالَب بضرورة التعرُّف على هذه القوانين؛ للانتفاع بها في تحقيق التقدم الروحي والعقلي والاجتماعي للإنسان.

                          - ٢ -

وعند تتبُّع ما ورد في القرآن الكريم بشأن هذه القوانين يتضح لنا أنّ هناك نوعين منها: قوانين كونية تتعلق بالكَوْن، وبكل ما فيه من أجزاء وعناصر تمثل الجانب المادي فيه، وقوانين اجتماعية تتعلق بالإنسان فردًا أو مجتمعًا أو أمة أو حضارة، تمثل الجانب الاجتماعي، وإذا كانت حركة الكَوْن المادي لا تستقيم من دون السُّنن والقوانين الكونية، فإن الحركة الاجتماعية لن يُكتَب لها الاستقامة والسلامة إلا بالسُّنن والقوانين الإلهية، التي حكمت الكيان الإنساني في تاريخه الطويل على الأرض.

ومن هنا نفهم دعوة القرآن الكريم إلى التفكُّر والتدبُّر والسَّيْر في الأرض لدراسة تاريخ الأمم والحضارات السابقة، واكتشاف عناصر بقائها، أو سقوطها وفنائها، التي أشار إليها القرآن الكريم في قوله (تعالى): ﴿قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأرض فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾.

                             – ٣ –

مِن هُنا تأتي أهمية الاتجاه إلى تناول السُّنن والقوانين القرآنية بالدراسة والتحليل، الذي يستهدف اكتشاف البناء المتكامل لمنظومة القوانين الإلهية في المسار الإنساني؛ بغية الوقوف على القوانين، التي تتحكم في هذا المسار بأبعاده كافةً، سواء الفردية والمجتمعية والحضارية...

وعلى هذا؛ فإنّ هذه الدراسة سوف تتناول عددًا من القوانين الإلهية ذات الصلة بالحركة الاجتماعية؛ كي تسهم في ترشيدها من ناحية، وتطوير مسيرة هذا العلم «علم القوانين والسُّنن الإلهية» مِن ناحية أخرى.

وقد جاءت هذه الدراسة في مقدمة وتمهيد وثلاثة فصول: وقد تناولت في المقدمة أهمية الموضوع، وفى التمهيد تناولت بعض المفاهيم المتصلة بالسنن والقوانين، ثم تناولت في الفصل الأول القوانين المتعلقة بالكَوْن، وفي الفصل الثاني تناولت القوانين المتعلقة بالفرد والمجتمع ، وفى الفصل الثالث تناولت القوانين المتعلقة بالتدبير الإلهي .

                            – ٤ –

لكن المشكلة الحقيقية التي تواجه المسلمين اليوم –وهم يقرؤون القرآن الكريم– هى: كيف ينظرون إلى قوانين الله (تعالى) التي تحكم شروط التقدم أو التخلف الحضاري؟ وكيف يمكن أن يتحوَّلوا من منطقة «الفِكْر والنَّظر» إلى منطقة «الفِعل والممارسة»؛ كي تصبح مسألة القوانين والسُّنن مناخًا أو منهاجًا عامًا يعيشه المجتمع

 في يومه وغَدِه ..

في حركته وسكونه..

في إقدامه وإحجامه..

وفى انتصاره وهزيمته..

بل في كل مظاهر حياته، وليس مجرد إحاطة أو إلمام بالأمر.

إنّ آيات كثيرة في القرآن الكريم هي قوانين صارمة لا بُدّ أن تنطبق على الإنسان في جميع أحواله؛ لأنها قوانين متصلة بحياته، بوصفه إنسانًا قبل أيّ اعتبار آخَر، وهكذا يكون للنَّصر قانون، وللهزيمة قانون، وللنجاح قانون، وللفشل قانون، ومَن يسلك الطريق الصحيح باستعمال هذه القوانين فإنه لا بُدّ أن يدرك نتائجها وعواقبها، إيجابية كانت أم سلبية؛ لأنه ليس هناك فوضى في الكَوْن، لا مِن ناحية البناء المادي له، ولا من ناحية البناء الإنساني.

ومن الجدير بالذكر –في هذا المقام– أنّ القوانين الاجتماعية التي أشار إليها القرآن الكريم ما هي إلا امتداد طبيعي للقوانين الكونية، التي أشار إليها أيضًا القرآن الكريم؛ ذلك أنّ الكَوْن بنوعيه المادي والإنساني يبقى محكومًا بإرادة إلهية واحدة، تهيمن على الكَوْن من خلال هذه القوانين أو السنن التي تتَّسِم في عملها بالثبات والاطراد.

                             - ٥ -

ولا بد من الإشارة –في النهاية– إلى أنّ ما تحدثتُ عنه في هذه الدراسة هو نماذج مرشدة لما ينبغى أن يكون عليه النظر والتدبُّر في آيات القرآن الكريم، بقصد الانتقال بالرؤية القرآنية إلى ساحات ومجالات علمية، ظلت بعيدة –فترة طويلة من الزمن– عن دائرة توجيه القرآن وتأثيره؛ وكان ذلك سبباً من الأسباب التى جعلت المسلمون يفقدون القدرة على تحقيق التأثير الحضاري، فضلًا عن الريادة الحضارية، وفى الوقت نفسه فقَدَت المعرفةُ الإنسانية مصدرًا من أهم المصادر وأغناها هو «المعرفة القرآنية»، وأثَّر ذلك بصورة سلبية على خدمة قضايا الإنسان بصفة عامة.

ومن هنا فإنّ الأمَل –اليوم– معقود على ضرورة استعادة الرؤية القرآنية الشاملة؛ لِتُواكِبَ النظرة الشاملة التي بدأت تفرض نفسها على الثقافة الإنسانية.

وهذا الكتاب محاولة على الطريق تستهدف تحقيق الأمرين معًا: استعادة المفاهيم القرآنية الشاملة، ومواكبة النظرة الشاملة للثقافة الإنسانية؛ سعيا إلى نظرة جديدة تخدم قضايا الإنسان ومشكلاته.

#أ_د_محمد_قاسم_المنسى 

أستاذ الشريعة الاسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة

ليست هناك تعليقات