الإسلام والتعايش السلمي
بقلم: الدكتور سالم السكري وكيل كلية اصول الدين للدراسات العليا
الإسلام الحنيف دين يدعو إلى التسامح مع الآخر ، والعيش معه في سلام ، وأكبر دليل على هذا تلك الآيات القرآنية التي تدعو إلى البر بالآخرين والإحسان إليهم ، ومنها قوله تعالى : " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين الآية (8) الممتحنة ، فهذه الآية الكريمة أصل في إرساء مبدأ التعايش السلمي مع الآخر ، وقد ذكر المفسرون عند تفسيرها حديث أسماء بنت أبي بكر حيث قالت :
قدمت أمي – وهي مشركة – في عهد قريش حين عاهدوا رسول الله ﷺ فأتيت رسول الله ﷺ فقلت : يا رسول الله إن أمي قدمت وهي راغبة – أي في البر بها - أفأصلها ؟ قال : نعم صلي أمك ) رواه البخاري . وقد بني الإسلام هذا المبدأ - مبدأ التعايش السلمي - على أساس أن الناس جميعا قد خلقوا من نفس واحدة ، فهم مشتركون في وحدة الأصل الإنساني كما قال تعالي " يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة " الآيه (1) النساء ، كما بين سبحانه – أن الاختلاف بين الناس في الجنس أو اللون أو المذهب ينبغي ان يكون سبيلا للتعارف والتناصر بين أطياف المجتمع الواحد وذلك في قوله : " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير " الآية ( 13 ) الحجرات
وكذلك أكد الرسول على ترسيخ مبدأ المواطنة والتعايش السلمي ، وذلك في وثيقة المدينة التي عقدها بمجرد وصوله إليها ، وهي تمثل دستورا شاملا يعالج كل قضايا التكامل والتكافل بين أبناء المجتمع ، وقد نص فيها علي حرية المعتقد وإقامة الشعائر ، فلليهود دينهم وللمسلمين دينهم ، مواليهم وأنفسهم ، فلا أحد علي الدخول في الإسلام كما قال تعالي : (لا إكراه في الدين ) الآية (256) البقرة ، كما أكد فيها علي حق المساواة بين الجميع من حيث المعاملة . وعصمة الدماء ، وذلك بمقتضى المواطنة، حيث جاء فيها : وإنه من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ، ولا متناصر عليهم ، وذلك لأن النفس البشرية لها حرمتها في الشريعة الإسلامية ، ولا فرق في ذلك بين المسلم وغير المسلم
ليست هناك تعليقات