المساواة بين الحجيج



بقلم : الدكتور سالم عبدالخالق السكري وكيل كلية أصول الدين لشؤون الدراسات العليا

فقد شرع الله تعالى الحج لأغراض سامية ، وأهداف نبيلة تجمع بين خيرى الدنيا والآخرة، فهو يجمع المسلمين على اختلاف ألوانهم وتباعد ديارهم في مؤتمر كبير ، فيه يتعارفون فتقوى الروابط بينهم ، وفيه يتشاورون فتلتئم صفوفهم وتتوحد كلمتهم ، ويكونون قوة يهابها العدو ، ويقدرها الصديق ، كما أنه يتجلى فيه مبدأ المساواة بين حجاج بيت الله في أعظم صوره ، حيث يقفون جميعاً بين يدي الله عز وجل ، لا فرق بين غني وفقير ، ولا بين أبيض وأسود ، ولا بين سيد ومسود ، فالكل أمام الله سواء ، ولا فضل لعربي علي عجمي إلا بالتقوى ، كما تتجلى في هذه الفريضة أيضا مظاهر الوحدة      بين المسلمين ومن أهمها : 

1) وحدة المكان الذي تؤدى فيه مناسك الحج . 

2) وحدة الزمان الذي تقع فيه هذه الفريضة . 

3) وحدة القول والعمل اللذين يلتزمها الحاج . 

4) وحدة المظهر الذي يتحتم على الحاج ألا يخالفه مهما كان مكانه في المجتمع . 

ويُعد هذا كله من فوائد الحج العظيمة ، والتي أجملها القرآن الكريم في قوله تعالـــــــــى " وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ " آية (27-28) الحج ، والمراد بهذه المنافع ما يشمل المنافع الدينية والمنافع الدنيوية ، ومن مظاهر المنافع الدينية ، غفران الذنوب ، وإجابة الدعاء ، ورضـــــــا الله عزو جل ومن مظاهر المنافع الدنيوية ، اجتماعهم في هذا المكان الطاهر وتعارفهم وتعاونهم علي البر والتقوى ، وتبادل المنافع فيما بينهم عن طريق البيع والشراء ، وغير ذلك من المعاملات التي أحلها الله تعالى ، هذا وقد أكد الرسول  في خطبة الوداع علي مبدأ المساواة بين الناس ، وذلك في قوله : (أيها الناس : إن ربكم واحد ، وإن أباكم واحد ، كلكم لآدم ، وآدم من تراب .  ألا لا فضل لعربي علي عجمي ، ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى ) ، وفي حديث آخر نهى عن كل مظاهر العصبية العمياء،  فقال : إن الله قد أذهب عنكم عُبيّة الجاهلية - أي تكبرها – وفخرها بالآباء ، إنما هو مؤمن تقي، وفاجر شقي ، الناس كلهم لآدم ، وآدم من تراب ) ، فما أحوج المسلمين اليوم إلي هذا الهدي النبوي في إقرار مبدأ المساوة ، والتعاون فيما بينهم . 

ليست هناك تعليقات