غزوة بدر الكبري 2ه
همسات إيمانيه
لفضيلة الشيخ فوزى محمد أبو زيد إمام الجمعية العامة للدعوة الى الله
إكرام الله وتأييده للمؤمنين في غزوة بدر الكبري ليلة السابع عشر من شهر رمضان من الليالي المباركة التي أكرم الله تبارك وتعالى فيها حبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلَّم وصحبه الكرام، لأنه كان في صبيحتها غزوة بدر الكبرى وهي أول غزوة في الإسلام، ونصر الله فيها الحق على الباطل.
👈🎄الحديث عن الغزوة يحتاج إلى وقت طويل، لكن سنأخذ بعض الإكرامات والمعجزات والتأييدات، التي أيَّد بها الله سبحانه وتعالى رسوله الكريم وصحبه المباركين، حتى نعلم علم اليقين قول الله تعالى: " وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ الله " (126آل عمران).
👈🌸 الرسول صلى الله عليه وسلَّم كما نعلم خرج وإخوانه المهاجرين من مكة ولم يترك لهم الكافرون شيئاً من أموالهم وأمتعتهم يخرجون بها، وخرجوا فرادى، واستولى الكافرون على بيوتهم، وعلى تجاراتهم، وعلى أموالهم، وعلى كل شيء يمتلكونه في مكة المكرمة.
☝️💚 ولولا أن الله عز وجل وسَّع صدور إخوانهم من الأنصار في المدينة المنورة، فاقتسموا معهم بيوتهم وأموالهم وزراعاتهم، لكانت الحياة عليهم شديدة وعسيرة.
فسمع النبي صلى الله عليه وسلَّم أن قافلة تجارية كبيرة آتية من بلاد الشام لقريش، فأمره الله عز وجل أن يخرج، لأن النبي لا يفعل شيئاً من نفسه، ولكن كما قال الله: " كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ " (5الأنفال) من الذي أخرجه؟ الله سبحانه وتعالى، فأخبر أصحابه بهذه التجارة وقال:
{ هَذِهِ عِيرُ قُرَيْشٍ فِيهَا أَمْوَالُهُمْ، فَاخْرُجُوا إِلَيْهَا، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُنَفِّلَكُمُوهَا }[1]
يعني يغنمكم هذه التجارة فتعوضكم بعض ما استولى عليه هؤلاء الكفار منكم.
👈🌻 فخرج معه نفرٌ قليل، لأنهم ظنوا أنه ليس هناك حرب، وكان عددهم جميعاً حوالي ثلاثمائة وثلاثة عشر رجل، وليس معهم إلا فرسين ومائة جمل، وكل ثلاثة يركبون على جمل يتناوبون مع بعضهم، وحضرة النبي نفسه كان معه اثنين، اثنان يمشيان وواحد يركب، فقالا: يا رسول الله نكفيك، فاركب أنت ونحن نمشي، فقال صلى الله عليه وسلَّم وهو نعم القائد القدوة:
{ مَا أَنْتُمَا بِأَقْوَى عَلَى الْمَشْيِ مِنِّي، وَمَا أَنَا بِأَغْنَى عَنِ الأَجْرِ مِنْكُمَا }[2]
سمع زعيم الكفار أبو سفيان بهذا الأمر وكان قائداً للقافلة، فاتخذ طريقاً آخر وفرَّ إلى مكة، ولكن قبل أن يفر كان قد أرسل مندوباً من عنده لأهل مكة: أدركوا التجارة فمحمد ومن معه سيأخذوها.
👈🐎 فخرجوا بجيش حوالي ألف رجل، وحوالي أربعمائة فرس، وما لا يعد من الجمال، ومدججين بالسلاح ليحموا تجارتهم.
فلما علموا أن التجارة قد نجت، قال أحد العقلاء فيهم: ما دامت التجارة قد نجت نرجع، لكن أبو جهل قال: لا بد أن نذهب لبدر ونحاربهم هناك، وننتصر عليهم، ونشرب الخمر، وتغني المغنيات، وتسمع بنا العرب فيظلون طوال عمرهم يخافون منا، وركب رأسه وأصر على هذا الرأي.
في هذه الليلة ماذا حدث؟ وصل الكفار قبل المسلمين إلى بدر، وبدر هذا بئر ماء، سُمي باسم رجل كان قد حفره اسمه بدر، والذي كان يحج من الطريق القديم كان يمر على بدر، ولكن الآن تغير الإتجاه في السفر.
👈🛤️ فذهبوا هم أولاً، فوجدوا المكان فيه أرض صلبة، وفيه أرض رمل رخوة، فاختاروا لأنفسهم الأرض الصلبة، والمسلمون يقفون على أرض رخوة فتغرز أقدامهم ولن يعرفوا يحاربوا أو يتحركوا، واختاروا المكان الذي فيه البئر ليشربوا منه، والمسلمون لا يشربون.
👈🌀 المسلمون كان لهم أربعة أيام يسيرون من لحظة خروجهم من المدينة، فحضرة النبي صلى الله عليه وسلَّم في هذه الليلة قسَّمهم إلى ثلاثة أقسام، ثلث يستيقظ أول الليل والثلثين يناموا، وثلث يستيقظ في الثلث الأوسط والثلثين يناموا، وثلث في الثلث الأخير، وجعلهم يصنعون له خيمة في مؤخرة الجيش، وأخذ يُصلي ويدعو الله سبحانه وتعالى فيها.
ما الذي حدث من إكرام الله لهؤلاء؟ نام الجميع ولم يشعروا، حتى الحراس ناموا أيضاً، والكافرين لم ينتبهوا لنومهم، فلو انتبهوا لهجموا عليهم، ولكن الله عز وجل حارسهم.
والإنسان إذا نام بعد تعب شديد في الغالب يحدث له احتلام،
👈🧿 فأصبح معظمهم محتلمين، ولا يوجد ماء، فمشى بينهم المنافقين وقالوا لهم: كيف تقولون أن هذا نبي وأنتم على الحق؟ وكيف تحاربون وأنتم على جنابة ولم تتطهروا، وليس عندكم ماء تشربوه؟!، فأنزل الله سبحانه وتعالى هذه الآيات: " إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ " (11الأنفال) هو الذي أنامكم وأمَّنكم وجعله نعاساً وليس نوماً عميقاً، لأن النعاس لو جاءه أحدٌ بجواره يستيقظ سريعاً، " وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً " (11الأنفال) أمطرت السماء، فاغتسلوا، والأرض التي تحت أقدامهم أصبحت صلبة وجامدة، وزادت المياه على الأرض التي عليها الكفار فأصبحت وحلة!.
👈🌄 أصبحت أرض المسلمين صلبة، والأخرى وحلة، والمسلمون كل الأوعية التي معهم والآنية ملأوها بالمياه، ولم يعودوا في حاجة لبئر بدر ولا غيره: " إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ " (11الأنفال) الكلام الذي قاله أعوان الشيطان من المنافقين: كيف تكونوا مؤمنين وتحاربون وأنتم على هذه الحالة، " وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ " (11الأنفال) كل هذا حدث في هذه الليلة.
👈🌠 وفي الصباح وقبل بداية المعركة نزل رسول الله صلى الله عليه وسلَّم إلى ساحة القتال وقال:
{ هَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ غَدًا وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْأَرْضِ، وَهَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ غَدًا وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْأَرْضِ، وَهَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ غَدًا وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْأَرْضِ، يقول أنس: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا جَاوَزَ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ مَوْضِعِ يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم }[3]
👈🏵️ حدَّد لكل واحد منهم مكان مصرعه على الأرض، والذي حدَّده بيده صلى الله عليه وسلَّم هو الذي كان!!.
وقبل المعركة أخذ النبي صلى الله عليه وسلم ببعض الحصى والتراب، ورمى به الكافرين، فلم يوجد أحد من الكافرين الذين سيموتوا إلا وامتلأت رأسه بهذا الترب وهذا الحصى، ليُثبت أن الله عز وجل يُؤيد نبيه صلى الله عليه وسلَّم.
🏹🐎 بدأت المعركة، والمعركة غير متكافئة، فهؤلاء فئة قليلة وهؤلاء فئة كثيرة، فنظر المؤمنون فأراهم الله الكافرين كأنهم قلة، حتى لا يخافوا، وأرى الكافرين المؤمنين قليلين ليغتروا، ويقولوا: سنغلبهم سريعاً، وهذه حكمة الله سبحانه وتعالى.
وبدأ القتال، وكانت المعجزة الكُبرى في القتال أن المسلمين وهم العدد الصغير قتلوا سبعين من الكافرين، وأسَروا منهم سبعين.
👈💐 وكان من تأييد الله للنبي وأصحاب النبي، أن رجلاً من المسلمين تكسَّر سيفه، ولم يكن معهم احتياطي، فقال: يا رسول الله أريد سيفاً أحارب به، فأخذ صلى الله عليه وسلَّم عوداً من الحطب وقال له: خذ هذا وحارب به، فالرجل هزَّ العود ففوجئ بأنه سيفٌ كأنه خارج من عند الحداد مباشرةً، فظل يحارب به لآخر حياته.
👈🌻 وآخر كان يحارب، فضربه عكرمة بن أبي جهل على عاتقه فقُطعت ذراعه، وأصبح معلقاً على قطعة الجلد السفلى فقط، فذهب لرسول الله صلى الله عليه وسلَّم، فأخذ صلى الله عليه وسلَّم من ريقه ووضعه على ذراعه وضمه إلى مكانه فرجع إلى حاله في الحال!، بدون عملية جراحية ولا بنج ولا مشرط، وإنما تأييد الله سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلَّم، لنعلم علم اليقين أن الذي ينصره الله فلا غالب له: " إِنْ يَنْصُرْكُمُ الله فَلا غَالِبَ لَكُمْ " (160آل عمران).
نسأل الله تبارك وتعالى أن ينصرنا على أنفسنا، وأن ينصرنا على كل أعدائنا وأعداء الإسلام، وأن يُطهر أرض بيت المقدس من اليهود ومن يعاونهم أجمعين، وأن يجعل بلاد الإسلام بلاد الأمن والسلام.
وصلى الله وسلَّم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم


ليست هناك تعليقات