رمضان_وثقافة_المغفرة
بقلم الدكتور محمد قاسم المنسي
تدور مادة (غ ف ر) حول معانى الستر والعفو والصفح والتجاوز عن الخطأ... وتميز اللغة العربية -فى هذه المادة- بين ثلاث كلمات: مغفرة – وغفران - واستغفار.. والمغفرة تكون من الله... والغفران يكون من الله للإنسان، ومن الإنسان لأخيه الإنسان، والاستغفار هو طلب المغفرة من الله للنفس أو للغير.. ومن هنا نتصور طبيعة المغفرة فى المجتمع الإسلامي: أنها مغفرة تكليف ومغفرة إلهام ومغفرة توبة وإصلاح... والمغفرة - فى الدلالة القرآنية - تقابل العذاب وهى قرينة الرحمة.. ويتكرر فى القرآن الكريم.. اقتران اسم الله الغفور باسم الله الرحيم.. والمغفرة -فى الثقافة الإسلامية- صفة من صفات الجمال الإلهي.. ومن صفات الاكتمال الإنساني، لأنها تتطلب مجاهدة عالية للنفس وكبح شهوة الانتقام والترفع عن الصغائر والتجاوز عن الزلات والأخطاء وشفاء الصدور من أثر الإساءة والإيذاء - ومع هذا فإن المغفرة ليست مجرد قيمة أخلاقية وإنما هى أداة للإصلاح الاجتماعى تعمل على رأب الصدع وجبر ما انكسر.. ووصل ما انقطع من علاقات وصلات... إنها تشكل -مع الرحمة- ضلعين من أضلاع مثلث العطاء والإحسان (والضلع الثالث هو الحلم والصبر)، ويأتى رمضان -فى العشر الثانية- ليذكر الناس بضرورة السعى والاجتهاد للوصول إلى المغفرة والغفران والاستغفار فى الأبعاد الثلاثة: مع الله.. ومع الناس.. ومع النفس فى مواجهة حالة المعصية والعناد والاستكبار.. ولينقل العلاقات الاجتماعية من وضعية (الخطأ والإساءة) إلى وضعية (التوبة والإصلاح).. ومن وضعية (التوبة والإصلاح) إلى وضعية (الجود والإحسان).. ويبقى التساؤل: كيف نغرس ثقافة الرحمة والمغفرة فى قلوب ونفوس الأجيال الحالية؟؟ هل لدينا خطة واضحة المعالم لإنجاز ذلك؟ وهل لدينا تصور لشكل الحياة فى مجتمعنا عندما تختفى منه - لاقدرالله- مظاهر الرحمة والمغفرة؟؟
ليست هناك تعليقات